عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ رضي الله عنه قَالَ:

كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الآنَ يَا عُمَرُ».
[صحيح] - [رواه البخاري]

الشرح

كان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء من مالي وأهلي ... إلا من نفسي، فأقسم النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه بالله الذي يملك قبض روحه ونفسه: أنه لا يكمل إيمانك ولا تبلغ الرتبة العليا حتى أكون أحب إليك من نفسك، فلما علم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن نجاة نفسه من الهلاك، وتحقيق رتبة الإيمان الكامل، متوقفة على تقديم حب النبي صلى الله عليه وسلم على حب نفسه؛ قال: فإنه الآن، والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: الآن يا عمر، يعني: الآن عرفت يا عمر، فنطقت بما يجب عليك، وبما يكتمل به إيمانك.

من فوائد الحديث

  1. لا يكتمل إيمان العبد المسلم حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من ولده وماله ونفسه ومن كل شيء.
  2. وجوب تقديم حب النبي صلى الله عليه وسلم على كل شيء حتى على النفس، إذ هو الذي ينجيها في الدنيا والآخرة باتّباعه عليه الصلاة والسلام والتّأسي به.
  3. تكون محبته صلى الله عليه وسلم باتباعه وتصديقه وتقديم ذلك على محاب النفس.
  4. قال الداودي: وقوف عمر أول مرة واستثناؤه نفسه إنما اتفق حتى لا يبلغ ذلك منه فيحلف بالله كاذبا، فلما قال له ما قال تقرر في نفسه أنه أحب إليه من نفسه فحلف.
  5. حب الإنسان نفسه طبع، وحب غيره اختيار، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام حب الاختيار؛ إذ لا سبيل إلى قلب الطباع وتغييرها عما جبلت عليه. فعلى هذا فجواب عمر أولاً كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه؛ لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى، فأخبر بما اقتضاه الاختيار، ولذلك حصل الجواب بقوله: " الآن يا عمر " أي: الآن عرفت فنطقت بما يجب.

معاني بعض المفردات

الترجمة:
عرض الترجمات
المراجع
  1. صحيح البخاري (8/ 129) (6632)، فتح الباري لابن حجر (11/ 528)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (2/ 140)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 226).