عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} فقد أمن الناس. فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال «صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته».
[صحيح] - [رواه مسلم]

الشرح

سأل يعلى بن أمية رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قصر الصلاة في قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} فإنه قد ذهب خوفهم الذي كان سببا لمشروعية قصر الصلاة، فما وجه القصر مع زوال السبب؟ فأجابه عمر أنه تعجب من ذات الأمر الذي تعجب منه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قصر الصلاة مع زوال السبب، وهو الخوف من العدو، وحصول الأمن، فقال: إن قصر الصلاة صدقة؛ أي فضل تفضل الله تعالى بها عليكم رحمة بكم وتوسعة لكم، وأكرمكم بها، فاقبلوها سواء حصل الخوف أم لا. فقوله في الآية: {إن خفتم} قد خرج مخرج الأغلب، لكون أغلب أسفار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم تخل من خوف؛ لكثرة أهل الحرب إذ ذاك، فحينئذ لا تدل الآية على عدم القصر إلم يكن خوف؛ لأنه بيان للواقع إذ ذاك، فلا مفهوم له، وشرع الله تعالى لكم ذلك رحمة بكم، وإزالة للمشقة عنكم، ونظرا إلى ضعفكم وفقركم.

الترجمة:
عرض الترجمات

معاني الكلمات

تصدّق الله بها عليكم:
تفضل الله بها عليكم رحمة بكم وتوسعة عليكم.

من فوائد الحديث

  1. بيان مشروعية قصر الصلاة الرباعية في السفر.
  2. بيان رحمة الله تعالى، وكمال فضله على عباده حيث شرع لهم قصر الصلاة في حال السفر للمشقة اللاحقة بهم.
  3. جواز القصر في السفر من غير الخوف.
  4. جواز قول: "تصدق الله علينا"، و"اللهم تصدق علينا"، وقد كرهه بعض السلف، وهو غلط ظاهر؛ أي: لمخالفته لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
  5. المفضول إذا رأى الفاضل يعمل شيئا يشكل عليه يسأله عنه.
  6. المفاهيم معتبرة في الشرع، حيث إن عمر رضي الله عنه فهم من قوله تعالى: {إن خفتم} أن مفهومه عدم جواز القصر عند عدم الخوف، وقرره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفهم، ولكن ذكر له مانعًا من اعتباره، وهو كونه صدقة من الله تعالى مطلقة غير مقيدة بالخوف.
المراجع
  1. صحيح مسلم (1/ 478) (686)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (15/ 54).